في قرية نائية، حيث تُروى الحكايات القديمة بصوت الريح، كان يعيش رسام عجوز. اشتهر هذا الرسام بلوحاته الواقعية لدرجة أن الناظر إليها يشعر وكأنها حقيقية. لكن غرابة أمره لم تكن في موهبته الفنية فحسب، بل في لوحة واحدة بالذات لم يبعها قط، تُعرف بـ "لوحة البوابة".
كانت اللوحة تصور بوابة خشبية عتيقة في منتصف غابة كثيفة، يلفها ضباب خفيف. قيل إن الرسام أمضى سنوات في رسمها، وأن كل تفصيلة فيها كانت تحكي قصة. الغريب في الأمر هو أن كل من نظر إليها لفترة طويلة، بدأ يرى أن الضباب يتحرك ببطء، وأن أوراق الأشجار تتمايل كأنها حقيقية. البعض أقسم أنه سمع أصواتًا خافتة تأتي من خلف البوابة، كهمسات أو صرير أوراق الشجر.
في إحدى الليالي العاصفة، اختفى الرسام العجوز. بحث عنه أهل القرية في كل مكان، لكن دون جدوى. الوحيدة المتبقية في بيته كانت "لوحة البوابة" معروضة في منتصف غرفته. تجرأ أحد الشباب، فضوله دفعه، ودخل المنزل المهجور. وقف أمام اللوحة، وتأملها طويلاً. شعر ببرودة غريبة تلامس وجهه، ورأى الضباب في اللوحة يتكثف. فجأة، بدأت البوابة تفتح ببطء شديد، مصدرة صوت صرير خفيف لم يسمع مثله قط. من خلف البوابة، ظهر ضوء خافت، لا يشبه ضوء العالم الخارجي. تردد الشاب لحظة، ثم خطى خطوة إلى الأمام، وكأنه ينجذب بقوة غير مرئية. اختفى داخل اللوحة، وأغلقت البوابة خلفه بهدوء، كأن شيئًا لم يكن.
في اليوم التالي، اكتشف أهل القرية اختفاء الشاب. دخلوا المنزل، ووجدوا "لوحة البوابة" على حالها. لكن هذه المرة، لم تكن البوابة مغلقة تمامًا، بل كانت مفتوحة قليلاً، ومن الفتحة تسربت رائحة غريبة، لا تشبه أي رائحة معروفة في عالمهم. ومنذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من لوحة البوابة مرة أخرى، فهي ما زالت تقف هناك، تفتح وتغلق قليلاً، وتدعوا كل من يراها إلى عالمها الغريب. ويقال إن الرسام والشاب ما زالا يعيشان داخل اللوحة، في عالم لا يراه إلا من تجرأ على العبور.
#tiktok #stories 🫣